الأحد، 6 سبتمبر 2009

أطباء الأورام فقط هم الذين يتحملون أهل المريض ؟؟

.
هذا الموضوع له علاقة بقسم : ثقافة لذيذة



أطباء الأورام فقط هم الذين يتحملون أهل المريض ؟؟


الأطباء الشبان يكرهون أهل المريض الميئوس من شفائه ... لا تسألنى لماذا ؟؟ هذا هو ما لاحظته طوال سنين - مرحلة المستشفيات - فى حياتى .

بمجرد أن يعرف الطبيب أن هذه الحالة تحتضر يبدأ فى التهرب من مواجهة أهله وإذا ألحوا فى لقائه وسؤاله ، يبدأ فى مهاجمتهم قبل أن يهاجموه ، ويتعامل معهم كأنهم أخطأوا فى حقه ، وإذا تجرأ أحدهم وأظهر حزنه لأن المريض المحتضر ابنه أو والده لابد وأن يعاقبه ... إلا شباب الأطباء فى معهد الأورام فهم يتعاطفون مع أهالى المرضى ويتحملون أحزانهم .



ربما لأن العدد الأكبر من مرضاهم يحتضر، والأقل هو الذى ينجو ، ربما لأن طبيب الأورام يرى نفس السيناريو فى وجوه كل مرضاه وكل أهاليهم ، ربما يتعاطف معهم لأنه لا بديل أمامه .




سألت الطبيب الشاب عن زينب عندما لم أجدها جالسة على درجات السلم فى مكانها المعتاد ، فأجابنى : إنها ذهبت لتحضر أولادها من البلد ليلقوا سلام الوداع على والدهم ، فانزعجت وسألته إن كان هو من طلب منها وأبلغها !!
إن كان يتنبأ أو يتوقع وفاته خلال ساعات فنفى ذلك وقال : هى وحدها التى حددت موعد الوفاة ، وأضاف : الأعمار بــيــد الله .


عادت زينب صباح اليوم التالى مصطحبة أولادها الأربعة ... دخلوا لزيارة والدهم ... وفى المساء ذهبت أنا لزيارته ... فوجدتها جالسة فى مكانها على السلم وحيدة قالت : " خلاص سلم على أولاده ، رجعتهم البلد مع عمهم ، مافيش مكان هنا لهم " .

سألتها عن سبب هذا القرار المفاجئ ، فأجابت : هو حاسس إنه خلاص وأنا صدقته ، لم أفهم أبدا كيف شعرأنه « خلاص » ، كيف أبلغها وهو لا يفعل أكثر من تحريك جفونه وأصابعه !! ، لكن فى صباح اليوم التالى عادت بجثمانه إلى البلد لدفنه فى مقابر الأسرة .
قال لى الطبيب تعليقاً على الخبر " انا شفت من ده كتير" .




بعد شهور ذهبت إلى زينب فى قريتها البعيدة وزرتها فى بيتها ، كانت مختلفة تماماً ، استعادت صحتها وجمالها ونظافتها التى كانت فقدتها على سلم معهد الأورام ، أشارت إلى صورته المعلقة فى كل حجرات المنزل وقالت : " محمد هنا ... ما فارقش ولاده لحظة " .....

د . نجلاء بدير

0 التعليقات:

إرسال تعليق