الخميس، 3 سبتمبر 2009

الشباب وطموحاته المستقبلية ... بكل صراحة !!

.
هذا الموضوع له علاقة بقسم : سياسة وصراحة ، ثقافة لذيذة



الشباب وطموحاته المستقبلية ... بكل صراحة !!

لو أنك سألت شاباً من أبناء هذا الزمان عن طموحه في الحياة فسيقول لك على الفور إنه يتمنى أن يكون لاعباً لكرة القدم أو مطرباً ، وهى إجابة لم تخطر على بال جيل أبائنا الذي تعلم أن الجامعة رمز له هيبته ، وأن هناك شيئاً اسمه كليات القمة ، وكان الأهل يتمنون لأبنائهم وبناتهم أن يكون الواحد والواحدة طبيباً أو مهندساً أو ضابطاً أو قاضياً ، لكن الدنيا تغيرت بحيث لم يعد شيء في ذلك كله يثير حماس الأجيال الجديدة أو يداعب خيالاتها .


قرأت قبل أيام حواراً مع شاب سعودي من المتقدمين لمسابقة " ستار أكاديمي " للغناء اسمه " عبد الله الدوسرى " قال فيه إن أكثر شيء يندم عليه أنه تخصص في مجال الكمبيوتر ، ووقعت على رسالة منشورة فى بريد الأهرام ، روى فيما صاحبها قصة لقاء تم بينه وبين جار قديم له فى أحد نوادى الإسكندرية :

وفى اللقاء تبادلا السؤال عن أحوال الأولاد والبنات ، قال صاحب الرسالة إنه سأل جاره القديم عن ابنته التى عرفها صبية صغيرة ،فرد الجار قائلا إنها لم تكمل تعليمها بعد الثانوية العامة ، والتحقت بأحد محلات تصفيف الشعر (كوافير) ، وبمضى الوقت أجادت المهنة ، وفتح الله عليها فاستقلت واستأجرت محلاً خاصاً بها، وزاد الإقبال عليها فاشترت محلاً آخر، الأمر الذى حقق لها دخلاً وفيراً مكنها من شراء شقة وسيارة ، وتفكر الآن فى أن تتوسع أكثر فى مشروعها ، سأله صاحب الرسالة عن شقيقها الذى كان أصغر منما ، فعلم من الجار أنه التحق بأحد النوادى الرياضية فى القاهرة ، وبدوره فتح الله عليه فتم ضمه الى فريق النادى، وأصبح يتقاضى راتباً معقولاً مكنه من أن يشترى شقة فى العاصمة ، يقوم بتأثيثها الآن .




كان الطبيعى أن يرد الجار السؤال ، فيستفسر بدوره عن ابنة صاحب الرسالة وابنه ، وحسب كلامه فإنه استشعرحرجاً وقال بصوت خفيض ان الابنة تخرجت فى كلية الطب ، بعد دراسة استمرت فيما سبع سنوات ، وتعمل الآن طبيبة بإحدى الوحدات الصحية ، أما شقيقها فقد درس فى كلية التجارة قسم اللغة الإنجليزية ، وبعد تخرجه وجد عملاً بصعوبة بالغة ، وأن الاثنين يعيشان مستورين مع الأب والأم فى بيت الأسرة القديم .... ما لم يقله صاحب الرسالة لجاره أن الاثنين يتقاضيان راتبأ شهريأ قدره 600جنيه ( أكثر بقليل من مائة دولار ) .


وهو يبدى هذه الملاحظة ذكر أن جاره سعيد الحظ أصر على أن يدعوه هو وزوجته لتناول المرطبات والسندوتشات والحلوى ، وأن قيمة فاتورة هذه الدعوة كانت فى حدود 300 جنيه ، وهو مبلغ يعادل نصف ما يتقاضاه الطبيبة والابن المحاسب فى شهركامل .

لك أن تتصور شعور الأب والأم بالانكسار والهزيمة أثناء عودتهما صامتين إلى البيت ، الذى ما إن دخلاه حتى انفجرت الأم نادبة بختها المائل ، الذى جعلها هى وزوجها يتعبان على تربية البنت لكى تصبح طبيبة وعلى الولد ليكون محاسباً ، فى حين أن الذى أفلح حقاً هو من صارت ابنته مصففة شعر وصار ابنه لاعباً لكرة القدم .




من بين ما تلقيت من رسائل فى أعقاب المهرجان الكبير الذى أقيم فى مصر بسبب فوز فريقها بكأس أفريقيا الذى أدى إلى إغراقهم بالمكافآت المالية التى أسالت لعاب الكثيرين ، واحدة بعث بها باحث مصرى اسمه " محمود لطفى السيد " ، وصف فيها ما لقيه من ظلم وإهانة لأن لديه أفكاراً ومشروعات تهم مستقبل التنمية فى مصر وبعد أن يئس من أن يفعل شيئا مفيداً للبلد ، فإنه طلب منى أن أتوسط له لكى يضمه الكابتن حسن شحاتة مدرب الفريق إلى طاقم مساعديه ، ويبدى استعداده لأن يعمل أى شىء يكلف به ، من نفخ كرة القدم الى تلميع أحذية اللاعبين .




إن انقلاباً حدث فى منظومة القيم السائدة ، فلم تعد قيمة الإنسان تقاس بمقدار نفعه وابداعه ، وإنما بمقدار فهلوته ونجوميته وحضوره فى وسائل الإعلام وعلى شاشة التليفزيون ، وإذا كان ذلك يبهر الجمهور ، فإنه لا ينبغى أن تفقد مؤسسات الدولة وجهات القرار توازنها . ولو أن مؤسسات الدولة إعتنت وقدرت النافعين والمنتجين بمثل عنايتها وتقديرها للنجوم لاعتدل الميزان ، لأن الدول تنمو وتكبر بعقول أبنائها وليس ببراعة أرجلهم ... إننى لست ضد الحفاوة بالنجوم ، ولكننى ضد الإزدراء بالنافعين والمنتجين .

الكاتب والمفكر الكبير : فهمى هويدى

0 التعليقات:

إرسال تعليق