الاثنين، 13 ديسمبر 2010

تأمل الأمور بعمق لكى تعرف الصواب من الخطأ



.
هذا الموضوع له علاقة بقسم : جـدد حـيـاتـك




تأمل الأمور بعمق لكى تعرف الصواب من الخطأ


كان الحصان بوسفيل مشهوراً بالعصبية ، وعدم قدرة أحد على ترويضه ، فى زمن الإسكندر الأكبر ، حتى وصلت سمعته للإسكندر نفسه ، فذهب لرؤية أحد رجاله وهو يحاول ركوبه ، فانتبه الإسكندر إلى أن الحصان يكون فى بادئ الأمر هادئاً ويسمح للراكب بامتطائه ، ثم ما إن يتحرك ، حتى يهتاج ويبدأ فى القفز بشكل لم يره من قبل ، فيسقط الراكب ، وهو يسبه ويلعنه ويركله ، فأخذ الأسكندر يمعن التفكير ، حتى توصل للسر ، فالحصان يخاف من ظله ، وعندما يخاف : يبدأ فى القفز ، فيقفز ظله معه ، فيزداد خوفاً وفزعاً وهكذا قام الإسكندر برفع رأس الحصان باللجام كي لا يرى الأرض ولا يلمح ظله ، فهدأ تماماً ، وصار حصانه المفضل .





هكذا أسوأ ما يمكن أن ترتكبه فى حق نفسك : أن تحكم على الأمور من ظاهرها ، كما أن التعجل كثيراً ما يعميك عن بعض الأمور الواضحة ، فتحكم جزافاً ، وهذه كارثة ليس فى حق من أمامك فقط ، لأنك بذلك تظلمه وتبخسه حقه ، لكن فى حق نفسك أيضاً ، لأن ذلك يحرمك أنت الآخر من رؤية الحقيقة ، فتبدو لك الأمور بصورة مشوشة ، وبما أن الصورة تكون غير واضحة ، فإن قراراتك التى ستتخذها ستكون فى منتهي البلبلة ، لأنها لم تبني على أى أساس من الصحة ، وإنما على التعجل والعصبية ، والعكس صحيح ، قد يكون هناك شخص أو شىء ما ، تبدو أمامك صفاته الخارجية فى منتهى الجمال والبهاء ، فتتسرع بالحكم عليه من خلال هذه الصورة النورانية ، دون أن تتوقف ولو للحظة كما فعل الإسكندر لتتأمل ما أمامك بعمق ، فتعرف الصواب من الخطأ .





فعند أى معضلة تواجهنا ، نجد العصبية والتوتر ينجحان فى توجيهنا لإتخاذ أكثر القرارات طيشاً ، لأننا لا نتأمل ، ولا نبحث عن أصل المشكلة ، نفس الأمر يتكرر حال خلافنا مع الآخرين ، ومواجهتنا لشخص كالحصان مثلاً وصفه الناس مسبقاً بأنه حصان شرير ، ولم يتروو قليلاً ليدركوا أنه حصان خائف فحسب ، فالأحكام المطلقة أسوأ أنواع الأحكام التى قد يطلقها المرء على الأمور والأشخاص والمواقف ، وقد تكون سبباً فى خسارته للكثير : لأنه لم يصل للأبعاد واكتفي بالبعد الذى يراه أمامه ، لم يلتفت يميناً ويساراً بحثاً عن مزيد من الرؤية والفهم ، اللذين نحن فى حاجة إليهما ، لأننا بشر ، وليس من سلطتنا إصدار الأحكام المطلقة بكل هذا اليقين ...




التسرع سهل جداً ، وإصدار القرارات دون إلمام بالأمر ، لا يوجد أهون منه ، أما الأصعب ، فهو التأنى وإعمال العقل ولو للحظات قليلة ، قد لا تكلفك شيئاً ، لكنها توفر عليك خوض معارك وهمية ، قد لا يكون لها أى مبرر سوى فهمك الخاطيء للأمور وقد تخسر مادياً ومعنوياً إذا لم تبحث عن السبب الفعلى وراء القشرة التى تبرز لك من الأشخاص والأحداث ، كما فعل رجال الإسكندر ، فى عجزهم عن كشف السبب ، لأن أحداً لم يكن يريد أن يراه من الأساس ، واكتفوا بأول نتيجة ظهرت لهم ، مضافاً إليها رأى الآخرين ، ثم أصدروا حكما مماثلاً : أن الحصان لا يصلح للركوب ، فقط شخص واحد أمهل عقله فرصة للتفكير ، فعرف السبب ، وعالجه فى لحظات بسيطة .. بسيطة نعم .. لكن لحظات مثلها ، هي التي جعلته الإسكندر الأكبر !!؟؟



0 التعليقات:

إرسال تعليق