الأربعاء، 3 فبراير 2010

من الذى حارب صناعة الجنس والإباحية فى أمريكا ؟

.
هذا الموضوع له علاقة بقسم : ثقافة لذيذة ، سياسة وصراحة




إن أنتوني كومستوك هو النموذج الوحيد
الذي قرر يوماً أن يقف في وجه صناعة الجنس الامريكى ونجح في ذلك إلى حد ما ، هو النموذج الصريح للبطل الذي يغير المنكر بيده ، ويجعل المحافظين على الأخلاق يتدارون وراءه خوفاً من الوقوع في الخطيئة التي يدعوهم صناع البورنو إليها ، مثله مثل ستورمان ، ابن لأبوين مهاجرين يعملان في محل بقالة ، ومثل ستورمان أيضاً ، بدأ في مشاهدة الصور الجنسية العارية وهو في أولى مراحل مراهقته ، لكن تلك التجارب المبكرة صنعت من ستورمان رجلاً يتخذ من الجنس لعبة وهواية وعملاً ،




أما كومستوك فاتخذ منه شيطاناً يرجمه بالطوب ، لقد صار كومستوك مدمناً للعادة السرية منذ اللحظة التي شاهد فيها تلك الصور ، وبدا له الجنس فيها أقرب إلى سرطان ينتشر ومتدخل في كل خيالاته ، ويفسد أفكاره ، ويدمر ضحيته إلى حد يجعلها تكره الحياة ولا تحتمل وجودها نفسه على حد تعبيره ، كان متديناً إلى حد الأصولية والتطرف ، وكان يؤمن تماما بأن صناع البورنو هم أدوات للشيطان ، بالتالي قرر هو أن يكون أداة للرب يدمر بها ما يفعلون .




وعلى مدى الأربعين عاما التالية ظل كومستوك يطارد كل ما يقع تحت بصره من إنتاج إباحى معتبراً نفسه ( ضمير أمريكا الرسمي ) أعطى نفسه الحق في أن يفتح خطابات الناس ليرى ما إذا كانوا يتلقون مواد جنسية عبرها ، وبدأ يتجول في الشوارع بقامته الطويلة وصلعته المميزة ، مرتدياً ثياباً سوداء على الدوام ، وقام بإلقاء القبض على مئات من راقصات التعري ومصوري النساء العاريات وبائعي المجلات الإباحية ، يسانده في ذلك قطاع عريض من الناس الذين بدأو يطالبونه بتوسيع نشاطاته لتشمل مطاردة بائعي الخمور وأصحاب عيادات الإجهاض ،




إلا أن الصحافة لم تستطع أن تسكت طويلاً على ما يفعله كومستوك ، ورأت فيه خرقاً لحق حرية التعبير والحرية الشخصية ، ومحاولة لفرض مفهوم ديني ضيق على عقل الأمة كلها ، لكن كومستوك واصل حملته ضد الإباحية ، ووصل نفوذه إلى حد أنه كان قادراً علن منع روايات لأدباء كبار من أمثال ( فولتير و بلزاك و تولستوي و إميل زولا ، وحتى برنارد شو الذي وصفه كومستوك بأنه مجرد بائع سخام ايرلندي ! ...

لكن قيم الحرية الأمريكية هزمت كومستوك في النهاية ، فتوقف بعدما أعلن أن حملته نجحت في تدمير 203 ألاف صورة إباحية ، و 12 طناً من الكتب المنحلة ، و6 ألاف كوتشينة جنسية ، و 64 ألف مقال غير أخلاقي ، كان هذا هو انتصار كومستوك العظيم عام 1870 ... الانتصار الذي تمنى كثيرون عودته بعد " توحش " صناعة البورنو وعدم نجاح أي قانون في التصدي لها أو منعها ، وبالتالي صار قانون كومستوك الذي يغير كل ما لا يعجبه بيده ، دون أي سلطة غير سلطة الأخلاقيات هو الصورة المثلى ، أو على الأقل هو الصورة التي لا ينجح رجال مثل روبن ستورمان في التحايل عليها أو خداعها .




يردد ستورمان دائماً أن محامياً بارعاً واحداً يساوى لديه أكثر من كل ما يساويه الرجال والنساء في صناعته ... يطلق ستورمان على المحامين لقب الملوك ، بعدما تزايد احتياجه لهم مع امتداد إعماله ، فهو أول من بدأ ينتبه إلى أن التليفزيون والفيديو سيتخذان يوما ما مكان المجلات والروايات الإباحية ، وأول من ابتكر للأمريكان آلات خاصة يرون فيها أفلام نساء عاريات بعدما يدفعونها بالعملة ، وشركاته هي أكبر شركات لإنتاج الأفلام الجنسية في أمريكا وأوروبا ،

وهو صاحب أول محلات لبيع الأغراض والألعاب الجنسية ، لكن كل ذلك لم يمنع الشرطة الفيدرالية من ملاحقته ، ولا منظمة الضرائب من فتح ملفات كثيرة له لتحدد كم الخراب الذي يحدثه تهربه منها ، لكنه يؤمن ببساطة بمبدأ واحد ، هو انه لا يمكن أن يدفع للضرائب مليماً واحدا يذهب إلى الشرطة الفيدرالية ويمول حرب الحكومة ضده من ماله الخاص ، أما مبدأه الثاني فهو أن يختار محاميه ليمثل صورته على أكمل وجه ، وعادة ما يكون محاميه رجلا وسيماً ، شديد الأناقة والوقار ذا سجل شديد النظافة ، إلى حد يجعل من العسير على اى إنسان أن يصدق انه يمكن أن يضع يده في يد صانع بورنو .




حيرت الأساليب التي يستخدمها ستورمان لإخفاء أرباحه الشرطة طويلاً ، إلى حد أنها لم تجد أمامها سوى أن تدعى وجود علاقة بينه وبين المافيا كي تستطيع اقتحام ملفات حساباته السرية في بنوك العالم وبدأت تروج إلى أن زعماء المافيا لا يسمحون بدخول أو بتوزيع اى مجلة أو فيلم أو ماكينة جنسية دون أن يتلقوا مقابلاً لذلك ، لكن هذه الحجة ثبت ضعفها بعدما صدر تقرير آخر من داخل الحكومة الأمريكية نفسها عام 1986 يحدد 18 دخلاً لمصادر دخل المافيا لم تكن صناعة البورنو من بينها ، وإن لم يمنع هذا من استمرار مسلسل المطاردات الأمنية لستورمان حتى بداية التسعينيات ، عندما تمت محاكمته وإلقاء القبض عليه بتهمة التهرب من الضرائب وحبسه في السجن بعدها .




ربما يصاب من يشاهد أفلام البورنو الأمريكية الأولى في الخمسينيات بصدمة من المشاهد التي تظهر فيها ، وتبدو مناقضة تماما للصورة الرومانسية التي منعتها أفلام هوليوود في ذلك الوقت ، كانت النساء في أفلام البورنو الأولى يرتدين أقنعة على وجوههن تخفى ملامحهن حتى لا تضيع فرصتهن في الزواج ، بينما الرجال يظهرون عراة لا يرتدون سوى زوجاً من الجوارب السوداء ، ويمارسون الجنس مع نساء متعطشات دائما له ، أجسادهم عارية ، وليست مثل أجساد ممثلي البورنو اليوم التي تبدو وكأنها تقليد لنموذج الجمال الأنثوي أو الذكورى ،




والواقع أن صناع البورنو في الخمسينيات لم يكونوا يربحون الكثير من أفلامهم ، لم يكن الفيلم يأتي بأكثر من 50 دولاراً ، أما أجور الممثلات فلا تكاد تذكر ، بينما يسعد الممثلون بالعمل في هذه الأفلام مجاناً !! ... لكن كان هذا هو ما يحدث في زمن الحياء الامريكى ... زمن رومانسية الأفلام التي لم يكن الحب فيها يزيد على قبلة حارة أو ضمة عنيفة ، لكن كل شيء قد تغير الآن ، صار هناك ما يطلق عليه " شلوسر " اسم ( ديمقراطية البورنو ) ، أي أن يكون البورنو من الشعب وإلى الشعب !!

الحمد لله على نعمة الإسلام ، الحمد لله على نعمة الدين ، دين العفة والطهارة ، دين الحجاب والستر ، دين الأدب والأخلاق والكرامة


الـجـزء الـرابـع من الموضوع :

الـجـزء الأول من الموضوع :

الـجـزء الـثـانى
من الموضوع :

0 التعليقات:

إرسال تعليق