الأحد، 15 أغسطس 2010

التجارة بالدين بهدف ترويج البضاعة والكسب المادى

أغلب الظن - أو فلنقل بالتاكيد لأن هذه الأمور لا يجوز معها الاستعباط - أن القرآن الكريم لم يتناول عصير القصب من قريب أو بعيد، لكن معظم محلات عصير القصب فى مصر ما ان تدخلها حضرتك حتى تجدها تعلق الآية الكريمة "وسقاهم ربهم شرابا طهورا" رغم أن اسباب نزول الآية لم يرد فيها افتتاح محل عصير قصب فى قريش مثلا .

الأمرنفسه ينسحب على الترزى الذى يعلق اية "وكل شئ فصلناه تفصيلا"، كما أن الفكهانى لإ يجد غضاضة فى أن يعلق الآية الكريمة "وفاكهة وأبا" ولا أستبعد أن يكون بعض الجناينية يحتفظون بلافتة مكتوب عليها "وحدائق غلبا" لنفس السبب الذى يجعل الحانوتى يتفاءل بالآية الكريمة "كل من عليها فان " ويردد بين الحين والآخرفى كلامه العادى فى حياته اليومية "كل نفس ذائقة الموت".

اذا لفتت هذه الظاهرة نظرسعادتك - ما لم يكن نظرك ضعيفا أساسا - فستجد ان بعض الفرارجية يعلقون الآية الكريمة "ولحم طيرمما يشتهون" و حتى بعض الجزارين قد تجدهم يعلقون الآية الكريمة "ومن كل تاكلون لحما طريا" رغم أن المقصود بها فى سورة فاطر الأسماك وليس اللحم ، لكن لا تقنعنى أن كل من يرى الاية سيبحث حول أسباب نزولها .

إذا ألقى بك حظك المنيل - لا قدر الله وبعد الشر الى أحد المستشفيات الحكومية فستجد الآية "واذا مرضت فهو يشفين" فى كل مكان ، وهى الآية التى تجعل الطبيب مطمئنا وهو يخبرك : احنا عملنا اللى علينا لكن الحاجات دى بتاعة ربنا.. شد حيلك ، وفى المطاعم تجد "وكلوا واشربوا" لكنك أبدا لا تجد "ولا تسرفوا" التى تجدها فى حملات التوعية فقط والتى تلقى بالمسئولية كلها على عاتق المواطن المسرف قليل الرباية الذى أهدر فى المال السايب فمنع عنه السرقة طبعا فى كل المصالح الحكومية ستجد "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون "، لكن يبدو ان من علقها علقها لأسباب أخرى غير العمل حيث ستجد أن العمل المقصود هو الرشوة او« فين الشاى يا باشا» كما ان منتهى العمل عندهم هو «فوت علينا بكر»، الغريب أن الآية نفسها كانت معلقة كلافتة ضخمة كبيرة تغزق عين التخين .فين يا ولاد.. فى استاد القاهرة .

الأمر يتعدى هذه الحدود الى ما هو أبعد من ذلك ، حيث تجد المصريين يجيدون توظيف آيات الذكر الحكيم فى المواقف المختلفة ايأ كانت ، فينال مثلا من المطربين النص لبه بأن يذكرهم بالآية الكريمة "إن أنكر الأصوات لصوت الحمير" أو يتباهى بذكر مصر فى القرآن ، فتجد الآية المفضلة لوزارة السياحة وأحيانا الداخلية فى حالة الحوادث الإرهابية هى "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين " وتجد الآية اكثر استخداما ايام أزمة « طابا» تذكرك بأهمية سيناء، وتؤكد أنها أرض مصرية مسلمة حيث ذكرها الله فى القرآن الكريم حين قال "وشجرة تخرج من طور سيناء".

يصعب عليك اذن أن تتجاهل علاقة المصريين بالقرآن الكريم ، واستخدامهم لآياته فى المناسبات المختلفة . طبعا انت تتذكر الشيخ إياه فى فيلم الزوجة الثانية الذى استعان بالآية الكريمة "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الأمر منكم " قاصدأ بأولى الأمر العمدة الذى يريد أن يتزوج زوجته ، ولا أستبعد شخصيا أن يأتى وقت على المهندس أحمد عز يردد بين الحين والآخر الآية الكريمة "وأنزلنا الحديد....." ولا يكملها، فإن سأله أحدهم عن سبب ارتفاع سعره أكمل الآية قاثلا" ..... فيه بأس شديد".

شعب مثل هذا الشعب يجب أن يصفه أى كائن فضائى متحول بالورع والتقى «يا سيدى على الورع» ويتخيل أنه من أسعد شعوب الأرض وأكثرها حفاظا على دينه ، رغم أن الحقيقة هى عكس ذلك فالحرامى يبدأ سرقته بـ «بسم الله» وهو يدعو الله أن يوفقه ، والراقصة الموقرة تدعو الله أن يسترها عليها دنيا وآخرة وأن يغنيها بالحلال وتؤكد ان رقصها أفضل من المشى البطال ، والمصيبة أنك تجد ما يحدث الآن هو منهج حياة وليس ظروفا اسثنائية لمواقف بعينها.

شعب مثل هذا الشعب ليس غريبا أن يقتنع بين ليلة وضحاها بالتوريث بمجرد ذكر الآية الكريمة "وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير"، وينسى - أو يتناسى أن سليمان نبى وأن داود نبى على أساس أن كل من له نبى يصلى عليه .

من هنا لم يستغرب أحد أصدقائى حين قلت له إن الآية الكريمة التى تتسق مع الشعب المصرى بما يحدث له وما سيحدث بين الحين والآخر هى «كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب » وابقى سلم لى ع الورع .

0 التعليقات:

إرسال تعليق