الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

هل النظام المصرى يسحق عظام محدودى الدخل ؟

.
هذا الموضوع له علاقة بقسم : سياسة وصراحة



المشكلة أن محدود الدخل فى مصر رجل طيب وغلبان وماشى جنب الحيط ويخاف يدخل قسم شرطة وصوته واطى هذا إذا سمعت له صوتا أصلاً ، وينحنى أمام الكبار ويرضى بقليله ويحب الرئيس أيا كان الرئيس لأنه يتصور أن الرئيس فى مصر مثل الريح والمطر والعواصف والشمس والقمر قدر وظواهر طبيعية من عند ربنا لا يمكن مقاومتها ولا تغييرها ،

ومشكلة محدود الدخل أنه محدود المعارف ومحدود الإهتمامات ومحدود الحدود ، مركز فى لقمة عيشه ينط من أتوبيس لميكروباص ومن ميكروباص لمترو حتى يصل عمله ويرجع لبيته ، مغموساً فى الشقاء والغلب وأجمل لحظات حياته هى فوز الأهلى والمنتخب وشايف إن كرسى معسل أهم من كرسي الرئاسة وإن شغل السياسة بتاع الناس الكبيرة المهمة مش الناس اللى زيه صغيرين قوى لو شفتهم من فوق ومش باينين خالص لو شفتهم من تحت ، وبيفرح قوى لما يكون فيه وقفة احتجاجية فى الشغل عشان يرفع لافتة تطالب الرئيس أو نجله بالتدخل لحل مشكلة العلاوة وصرف الحوافز وبالمرة تتفرج عليه الست حرمه فى العاشرة مساءً أو تسعين دقيقة لما يصوروا الوقفة ،




ثم إن أعلى درجات طموحه هى تغيير شريحة الموبايل أو شراء خط لابنته بدل ما كل ما يتصل بها كي يطمئن عليها فى مجموعة الدرس تقوله إن الكارت فصل ، ولهذا كله فمحدود الدخل هو أبرز من يتلقى ضرباً على قفاه فى بلدنا ( صحيح أنه كلما تحدث المسئولون فى مصربدءً من الرئيس مبارك وحتى أصغر رئيس لجنة فى الحزب الوطنى مروراً طبعا بالرئيس التنفيذى لمصر النجل جمال مبارك فإن كلا منهم يتكلم عن محدود الدخل كأنه ابن عمته أو جاره فى عزبة النخل ، بينما جوهر الحقيقة أن نظام الحكم المصرى يسحق عظم هذا الغافل النائم على روحه محدود الدخل ، الأكذوبة الكبرى التى يلجأ إليها حكامنا المليونيرات والمليارديرات هي أنهم يضعون فى أولوياتهم وسياستهم وبرنامج رئيسهم مصلحة محدود الدخل وهذا كذب وجها وقفا ، طولاً وعرضاً ، هذه النغمة المقيتة التى يكررها كل لحن رتيب من أغانى السادة المسئولين التى تزعم وتدعى أنها لخدمة مصالح محدود الدخل تنكشف عارا وعوارا عندما تتدلق من أفواههم أرقاما مزورة ومزيفة يستهدفون بها إقناعنا بسياستهم الحكيمة وحكومتهم الرشيدة .




هؤلاء يحترفون الهجوم بالأرقام ، يضحكون بها علينا وعلى أنفسهم وعلى رؤسائهم ، وهم يلتزمون فى هذا الهجوم الرقمى ب :

1 - زحام الأرقام وتعددها وكثرتها بحيث يغمى عليك لو ركزت فيها .

2 - الحماس فى إلقائها والإبتسام فى إعلانها والتضخيم والتفخيم فى ترديدها .

3 - انتظار التصفيق بعد كل رقم وهزة رأس الرضا بعد كل نسبة مئوية .

4 - تنفيذ الهجوم فى الاحتفالات العامة والمؤتمرات الكبيرة بحيث لا تسمح المناسبة بالمناقشة ولا الاستفسار ولا التفسير .

5 - كتابة الأرقام والإحصائيات فى مقالات مطولة بعناوين احتفالية يضمنون أن لا أحد يقرأ التفاصيل ولا يركز فى الأرقام وإن ركز لا يفهم وإن فهم لا يدرك وإن أدرك لا يملك طاقة ليشرح لأحد !!

6 - التكرار الدائم لرقم مع التداول الواسع ، الإلحاح اليومي على نسبة مئوية ( معدل النمو مثلاً ) .

7 - اتهام أى خبير يناقشهم بأنه مغرض والتعريض بأى سياسى يعارضهم بأنه حاقد والسخرية من كل اقتصادى يفندهم بأنه مش فاهم .




هذه الحيل تنجح نجاحاً ساحقا مع الساحة المصرية المنقسمة بين عدة دوائر :

الأولى : غير مهتمة ولا مبالية بحكاية الأرقام ولا هى هنا أصلا وهذه هى دائرة الجماهير الواسعة جدا والأغلبية الصامتة والخرساء والمثرثرة والرغاية كذلك .

الثانية : منافقة ومستعدة للتهليل بصرف النظر عن الأرقام نفسها حلوة ولا وحشة ، صادقة أم كاذبة فهذه تعمل بالزمبلك وهى دائرة الإعلام الحكومى والخاص الفضائى والأرضى وتحت الأرض وفى بير السلم .

الثالثة : مش فى دماغها ولا متابعة ولا دارسة الأرقام لكنها معنية ومن ثم ممكن يخيل عليها شغل الحكومة وممكن كمان تتأثر بكلام المعارضة وهذه دائرة الشباب الذى يعيش على الحدود بين الاهتمام وشراء الدماغ وبين الانخراط فى النشاط أو التخريط فى القتة المحلولة !!

الرابعة : نخبة محدودة فاهمة وعارفة وهى فئة أساتذة الجامعات والباحثين وهى أما مدلسة ومنافقة وإما زاهدة نافقة وإما رافضة ساخطة منغلقة على ذاتها ونفسها .




وهناك بقى الكذب الذى يمشى على رجلين ويقف ويقعد ويجرى كمان قدام أعيننا فى معجزة مصرية فى الكذب ، وهى حكاية الدعم حيث يجلجل السادة المسئولون بأنهم يدعمون اللى خلفونا وانه كفاية بس الدعم اللى بيدفعوه للفقراء كأنهم بيدفعوه من جيب سعادة والد أحدهم أو خالة حضرتهم ، ولكن المفاجأة فعلاً فى أن دعمهم ده ولا حاجة ولا يسوى ولا يساوى ، حيث يقول لنا تقرير الخبير احمد السيد النجار ( لن نذكر كل التقرير فى المقال ولكن سنذكر مثالين منه فقط حتى لا نطيل ) :

وإذا كانت مخصصات الدعم والتحويلات سوف تبلغ نحو 73.4 مليار جنيه ، تشكل نحو 6.2% من الناتج المحلى الإجمالي ، يعد من أدنى المستويات فى العالم ، ليس هذا فقط من أمثلة سحق الفقراء ، فيه أكثروأسوأ وأسود ، يكتب احمد السيد النجار ( تراجعت مساهمات الدولة فى صناديق المعاشات بصورة هائلة ، لتبلغ 5 مليارات جنيه وفقاً لتقديرات الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2009 - 2010 مقارنة بنحو 30.2 مليار جنيه فى العام المالى الماضى ، بنسبة انخفاض قدرها 83.4% ( يا نهار أرندلي ، كل هذا انحفاض !! ) وهذا التراجع سوف يؤثر سلبيا فى أرباب المعاشات وغالبيتهم الساحقة من الفقراء أو الفقراء بصورة مدقعة ، علما بأن مساهمات الدولة فى صناديق المعاشات ليست منحة ، بل هى حقوق للعاملين باعتبارها مساهمات رب العمل .



كما أن الدولة استمرت لسنوات طويلة تستثمر أموال التأمينات على المعاشات دون دفع فائدة عنها ، ثم بدفع فائدة زهيدة للغاية وهذا يعنى أن مساهمات الدولة فى صناديق المعاشات ، هى جزء يسير من حقوقهم التى استولت عليها الدولة دون وجه حق لسنوات طويلة ، تاركة اياهم يعيشون بمعاشات زهيدة تجعلهم فى وضع معيشى بائس ، أما تخفيض هذه المساهمات ، فإنه تحيز سافر ضدهم يهدد بتزايد مساحة الفقر وضراوته بين من خدموا الدولة ، وباقى التقرير يجعلك تصاب بالضغط أو السكر على الأقل .

تقرير يفضح الدولة المستبدة الكذابة ومصاصو دماء ثروة مصر وساحقو عظام الفقراء والفقراء التعساء ومحدودو الدخل الأتعس الذين يسكتون على هذه المساخر والمهازل وهو تقرير يفضح كذلك الشياطين الخرس الذين يعرفون ويسكتون عن الحق ويقولون لك إن الحق علينا إحنا !!؟؟

الكاتب الكبير : إبراهيم عيسى

0 التعليقات:

إرسال تعليق