هذا الموضوع له علاقة بقسم : ثقافة لذيذة

من تعشق المعرفة إلى التلصص From Epistemophilia to Scopophilia تبدو العلاقة واضحة ، والتعشق هنا يعنى الرغبة الشديدة والتي تصل إلى مستوى الغريزة التي يحتاج الإنسان لقوة وإرادة كي يقاومها ، وهذا التعشق للمعرفة قد ينصرف عند بعض الناس إلى معرفة الحقيقة فيخرج منهم العلماء والمحققون والمؤرخون ، وقد ينصرف عند البعض الآخر إلى معرفة أسرار الناس الشخصية والاهتمام بسقطاتهم ونقاط ضعفهم وفضائحهم أحياناً ، فتنشأ جماعة من النمامين والمغتابين والناهشين في لحوم البشر .
ونظراً لقوة هذا الدافع جاءت آيات وأحاديث كثيرة تنهى عن الغيبة وتنهى عن النميمة وتنهى عن التجسس والتلصص والتدابر .


ويلحق بحب المعرفة شيء ذو علاقة وهو حب التطلع Scopophilia والتطلع هنا يتحصل بواسطة النظر ، بمعنى أن الإنسان لديه الرغبة فى الرؤية ( الفرجة ) على الناس والأشياء والأحداث ، وهاتان الرغبتان : حب المعرفة وحب التطلع تكونان متضخمتين لدى العاملين في الصحافة والإعلام عموماً إذ يكون لديهم رغبة جارفة في معرفة الأسرار وتحقيق السبق بنشرها ، ويمكن أن نسميها ( شراهة الرؤية والمعرفة وشراهة النشر ) لذلك يقعون في مشكلات كثيرة حين تطغي هذه الشراهة على ضوابطهم المهنية وعلى الضوابط الاجتماعية السائدة .

ولهذا استدعى الأمر وضع ضوابط أخلاقية لمهنة الإعلام ووضع روادع قانونية للنشر إذا تجاوز الخطوط الحمراء المتعارف عليها في المجتمع .
ويربط علماء النفس التحليليون الرغبة فى المعرفة والرغبة في الرؤية بالرغبة الجنسية ، فهم يرون أن الطفل في المرحلة الفمية يستمتع استمتاعاً غريزياً فمياً وهو يتعرف على البيئة من حوله بواسطة فمه ، فكل شيء يصادفه يضعه في فمه ليتعرف عليه ، ثم ينتقل الإنسان من سن الثالثة إلى الخامسة إلى المرحلة القضيبية وفيها تشتد رغبته في التعرف والتقرب إلى الوالدين ( الجنسين ) والتعرف على أعضائه وأعضائهما الجنسية وما يتصل بها ، ومن هنا تبدأ بذور الرغبة الشديدة في المعرفة ، وإذا وجد الطفل أن بعض الأشياء محظورة يبدأ في التلصص لمعرفتها سراً ، ومن هنا تبدأ غريزة التلصص في النمو والازدهار ، وتصل عند بعض الناس إلى درجة التضخم أو التوحش .

وقد نشأت فكرة تليفزيون الواقع فى الغرب وسرعان ما اقتبسناها ( مثل أغلب البرامج عندنا ) وعريناها ولاقت أيضاً رواجاً لدينا ونجاحاً هائلاً ، فكيف نفسر نجاحها في الغرب ونجاحها أيضاً في الشرق ؟؟ ومن هذه البرامج : ( ستار أكاديمي ، الهوا سوا ، سوبر ستار ) .

ويبدو أنهم في الغرب قد وصلوا إلى أبعد مدى في الفردية والاستقلال وانشغال كل شخص بنفسه واحتياجاته وعدم السماح بالتدخل فى شئون الآخرين ، وهنا ألحت مرة أخرى غريزة التلصص على الحياة الخاصة لآخرين ، فصنعوا - كعادتهم - برامج تهيئ إشباع هذه الغريزة بشكل مقنن من خلال متطوعين يقبلون تصويرهم أثناء ممارستهم لحياتهم اليومية بكل تفاصيلها ، والناس يستمتعون بذلك بلا حرج وبلا مشاكل قانونية ، والمتطوعون يتقاضون أموالاً مقابل إمتاعهم للمتلصصين .

أما العرب فلديهم في الأصل رغبة عارمة فى معرفة خبايا حياة الآخرين مع رغبة تالية أو موازية للتدخل في شئونهم الخاصة ، فالآخر لدينا مستباح ، ولنا عليه وصاية ربما نعطيها تسميات مقبولة مثل ( الاهتمام أو الرعاية أو التكافل أو التناصح ) ، ونحن في الحقيقة لا نبغي كل هذا ولكن نسعى إلى تلبية احتياجات شخصية لدينا !!!!!!!!

إضـــغــط هــــــــنــا أو على الصورة


0 التعليقات:
إرسال تعليق